اقتصاد فضيحة انهيار الدينار التونسي وغول الضرائب المنتظرة في سنة 2018
شهدت قيمة الدينار التونسي في السنوات الأخيرة وخاصة هذه السنة تراجعًا مهولا مقابل اليورو والدولار الأمريكي، لم تعرفه في السابق، حيث انخفض سعر صرف العملة المحلية في تونس إلى مستويات قياسية هذا الأسبوع، مسجلاً 2.4 للدولار الأمريكي و2.9 لليورو، في مؤشر جديد على التهديدات التي تحدق بالاقتصاد الوطني والصعوبات الكبيرة التي يعيشها مما أثار عديد مخاوف التونسيين لما له من انعكاسات على الاقتصاد التونسي والمقدرة الشرائية للمواطن، فضلا عن زيادة أعباء الديون الخارجية للبلاد.
وتجدر الإشارة إلى انه تم اعتماد الدينار التونسي منذ نوفمبر 1958 كعملة الرسمية للجمهورية التونسي، وعند إصداره، تم تقدير قيمته بـ 2.115880 غرامًا من الذهب الخالص من طرف البنك المركزي التونسي.
على صعيد متصل يتردّد الحديث هذه الأيام الحديث عن مشروع ميزانية الدولة للسنة المقبلة 2018 الذي انطلق في إثارة الجدل بسبب الزيادات التي سيقع اعتمادها وسط شبه إجماع لتوقعات الخبراء بأن تكون سنة 2018 هي الأصعب على الاقتصاد التونسي وعلى المعيشة اليومية للتونسيين بل يبدو أنّها ستكون سنة الضرائب المنتظرة التي يفزع من ذكرها كل المواطنين..
في هذا الإطار كان لأخبار الجمهورية محادثة مع الخبير الاقتصادي معز الجودي حول هذه المواضيع فكان الآتي..
في البداية وحول قضية انهيار الدينار التونسي ومروره بأسوء أيامه، أكّد محدثنا انّ تحركات الدينار التونسي مرتبطة بعملية عرض وطلب الفاعلين الاقتصاديين من خلال عملية شرائه وبيعه، وهو في حد ذاته يعكس صحة الاقتصاد الوطني بمعنى أن انخفاضه دليل على فقدان الاقتصاد صلابته ومناعته خاصة في ضل مؤشراته السلبية إجماعا..
أسباب «مرض» الدينار
كما اعتبر انّ انهيار الدينار التونسي يعود أيضا إلى تراجع إمكانية تدخل البنك المركزي عما كان عليه في السابق وذلك لسببين أولهما لما يسمى بـ»نصف تعويم» منظومة الصرف بمعنى قيام البنك المركزي بتحديد سعر مرجعي للدينار ليُفتتح به سوق الصرف يوميا وبذلك فإنّ البنك المركزي يتدخل على مستوى السعر المرجعي في المقابل فان مسألة ارتفاع او تراجع قيمة الدينار مرتبطة بعملية العرض والطلب..
اما السبب الثاني فيتمثل في فقدان البنك المركزي امكانية التدخل على مستوى سوق الصرف لتحريك عملية شراء الدينار عبر احتياطي العملة الصعبة
على صعيد متصّل أكد الجودي بأنّ من بين اسباب ازمة الدينار التونسي هو توقف البنك المركزي عن التدخل لتغطية هذا العجز من خلال استعمال الاحتياطي من العملة الصعبة لشراء الدينار التونسي والتغطية على تراجعه، لكنه منذ فترة لم يعد يتدخل بهذه الطريقة الناجعة، مرجحا أن يكون ذلك بطلب من صندوق النقد الدولي..
وجدد القول بأنّ تراجع قيمة الدينار التونسي مازالت قائمة ولا وجود لبوادر انفراج قادمة وذلك لان كل المؤشرات الاقتصادية بكل مستوياتها تنبأ بذلك..
غول الضرائب المنتظرة خلال سنة 2018...
وحول الحديث عن تفاصيل ومضمون مشروع ميزانية 2018 وسط الحديث عن فرض ضرائب جديدة تهم أكثر من قطاع، أشار في البداية الخبير الاقتصادي معز الجودي إلى انّ حكومة يوسف الشاهد اليوم هي ما بين مطرقة صندوق النقد الدولي وسندان الاتحاد العام التونسي للشغل وفق توصيفه، فمن ناحية يتشكل الضغط الخارجي في فرض صندوق النقد الدولي شروطه ومتابعة وضعية البلاد الاقتصادية وذلك لضمان عودة آلاف المليارات التي أقرضها لنا..
من ناحية أخرى يمارس الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابات التابعة له ما يسمى بالضغط الداخلي على حكومة الشاهد وذلك من خلال المطالب المرفوعة بشأن الزيادات في الأجور ورفع شعارات الإضرابات والإعتصامات والى ما غير ذلك..
وأضاف الجودي أنه وحسب تقديره فإنّ قانون المالية 2018 سيكون قانونا مؤطرا للميزانية التي ستكون ما بين 35 أو 36 مليار دينار على أقصى تقدير، معتبرا انه وعلى ضوء هذا فستحاولّ حكومة يوسف الشاهد التحكّم أكثر في مصاريف النفقات خاصة المتعلّقة بحجم الأجور وصندوق الدعم..
كما رجّح الخبير الاقتصادي وقوع بعض الإجراءات المؤلمة من بينها عملية تسريح عدد من العمال التابعين للوظيفة العمومية ومنحهم تعويضا ماديا مقابل تجميد الانتدابات في ذات القطاع، خاصة في ظل الارتفاع المهول لعدد عملة الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية الذي الذي بلغ ما يقارب الـ813 ألف موظف..
وفي معرض حديثه أكّد الجودي بأنّ النية تتجه أيضا نحو التحكم أكثر في صندوق الدعم حيث سيقع رفع الدعم تدريجيا على بعض المواد فضلا عن الزيادة في أسعار المحروقات سنة 2018، خاصة وسط ارتفاع سعر برميل النفط على الصعيد العالمي علما وأن 70 بالمائة من حجم الدعم في تونس متجهة نحو المحروقات..
الزيادة في معاليم جولان السيارات وأتاوة جديدة على السفر..
وأضاف معز الجودي بأنّ الضغط على المصاريف في ميزانية 2018 سيكون على مستوى مسائل الأجور والانتدابات وسير دواليب الدولة أيضا على مستوى التحكم أكثر في الدعم، فضلا عن اتجاه النية نحو تنمية الموارد الذاتية والجبائية حيث سيقع الزيادة في الأداء على القيمة والزيادة في المعاليم المستوجبة على جولان السيارات الخاصة والنفعية من 25 إلى 30 في المائة فضلا عن إحداث معلوم إضافي على السفرات في الخارج بـ20 دينارا، والترفيع في المعلوم الوحيد على التأمين من 5 إلى 6 بالمائة بالنسبة إلى أخطار الملاحة الجوية ومن 10 إلى 12 بالمائة للأخطار الأخرى..
وختم محدّثنا مداخلته معنا مؤكدا بأن حكومة يوسف الشاهد ستكون في وضعية غير مريحة على الإطلاق في ظل محدودية الميزانية مقابل ارتفاع سقف الطلبات وضعف نسبة النمو مقارنة بحاجيات البلاد..
حاورته: منارة تليجاني